top of page
بحث

الإجراءات التي اتخذها المغرب منذ الدورة السادسة والعشرين لمؤتمر الأطراف و التي أحضرها إلى الدورة 27

Rachid Ennassiri

Rachid Ennassiri is co-founder of the Imal Initiative for Climate and Development



منذ الدورة 27 لمؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ في غلاسكو، واجه المغرب تحديات متعددة الأبعاد، بما في ذلك و على الأخص أحد أسوأ أضرار الجفاف خلال العقود الثلاثة الماضية. قاد جلالة الملك محمد السادس استجابة فورية من خلال حشد 912 مليون دولار أمريكي على الفور من الموارد العامة للتخفيف من الآثار السلبية للجفاف على المواطنين وصغار المزارعين.


و هذه القصة من شأنها أن ترسل إشارة قوية إلى المجتمع الدولي المتواجد في مؤتمر الأطراف 27. بأن بلداً نامياً ضعيفاً من البلدان ذات الدخل المتوسط الأدنى يخصص فعليا موارده الخاصة على نطاق كبير لمعالجة الخسائر والأضرار، ويتصدى للآثار السلبية لتغير المناخ على المجتمع المغربي وبيئته الطبيعية، الناجمة إلى حد كبير عن الانبعاثات العالمية، من بلدان أخرى، وهو الذي لم يسهم فيها أساسا بشيء.


ولتجاوز التدخلات القصيرة المدى بشأن الخسائر والأضرار، وضع المغرب هيكلاً متطوراً لإدارة مخاطر الكوارث المناخية وتمويلها. إذ عزز البلد قدرته على الصمود في وجه الكوارث المتعلقة بالمناخ من خلال إنشاء نظام تأمين مزدوج ضد مخاطر الكوارث يشمل شركات التأمين الخاصة، بالإضافة إلى صندوق التضامن العام ضد الأحداث الكارثية. وفي حين أن هذه الآليات المبتكرة توفر مثالاً مفيداً للمناقشات العالمية بشأن الخسائر والأضرار التي تحدث في مؤتمر الأطراف 27، فإن نطاق الحماية التي توفرها هذه الآليات لا يزال غير كاف ويتطلب مزيداً من الدعم.


وتماشيا مع ارتباطاته البارزة على مدى العقدين الماضيين، شهد هذا العام استمرار المغرب في قيادته الدولية، بما في ذلك انتخابه لرئاسة الدورة السادسة لجمعية الأمم المتحدة للبيئة UNEA-6 (بعد تصويت بالأغلبية مما يعكس تأييدا واسعا داخل المجموعة الأفريقية)، فضلا عن اشتراكه في رئاسة طفرة مبادرات غلاسكو للطاقة والبناء. و ستؤدي هذه العمليات الشاملة دورا رئيسيا في تحديد الإجراءات ذات الأولوية حيثما تكون هناك حاجة ماسة إلى التعاون الدولي للتعجيل بالانتقال إلى الطاقات والتكنولوجيات النظيفة خلال العقد الحالي.


و في الفترة التي سبقت مؤتمر الأطراف السابع و العشرين أيضًا، وقع المغرب والاتحاد الأوروبي على الميثاق الأخضر، مما يجعل المغرب أول دولة تبرم شراكة من هذا النوع مع الاتحاد الأوروبي، انطلاقا من الطموحات المناخية المشتركة وما تم اعتباره لعقود عديدة بمثابة شراكة استراتيجية أوسع. ومنذ ذلك الحين، تم دعمه من خلال الاستثمار المعلن البالغ €1.6 مليار الذي تم ضخه من خلال البوابة العالمية للاتحاد الأوروبي لإنتاج الطاقة الخضراء، وتسريع التحول الرقمي، وتعزيز التكامل الاقتصادي بين المغرب والاتحاد الأوروبي.


إن وضع ميثاق الاستثمار الجديد في المغرب وأدوات تمويل التعافي من الأزمات، مثل صندوق محمد السادس للاستثمار، يضع طموحات الاستثمار المتوافقة مع إتفاق باريس موضع التنفيذ. الأمر الذي من شأنه أن يؤدي إلى جلب رؤوس الأموال اللازمة لتنفيذ محاور التحول في النموذج التنموي الجديد في المغرب، بما في ذلك حتمية تهيئة جهات وطنية مستدامة وقادرة على الصمود، وترسيخ التنمية الشاملة عبر مختلف أقاليم المملكة. وقد دعا جلالة الملك مؤخرًا الحكومة، بالشراكة مع الفاعلين الخاصين والماليين، إلى ترجمة التزاماتهم من خلال ميثاق وطني للاستثمار، يهدف إلى تعبئة 46,2 مليار دولار وخلق 500.000 فرصة عمل، خلال الفترة 2022-2026.


و في إطار هذه الاستثمارات، ستكون البنية التحتية المرنة ومنخفضة الكربون عنصرًا أساسيًا لمواجهة التحديات الهيكلية المناخية والتنموية التي يواجهها المغرب حاليًا. و لا يزال إزالة الكربون وكهربة القطاع الصناعي في صميم أولويات الحكومة، حيث تم تخصيص برنامج محدد لذلك، جنبًا إلى جنب مع الجهود المستمرة لتحسين الإطار التنظيمي لمصادر الطاقة المتجددة. ويعتبر المغرب الصناعة الخضراء محركًا رئيسيًا للقدرة التنافسية الصناعية، وطريقة لجذب المستثمرين المحليين والدوليين من القطاع الخاص.


وثمة مثال آخر على التزام المغرب بالاقتصاد الأخضر وهو النقل. إذ وجه المكتب الوطني للسكك الحديدية المغربي (ONCF) خلال مؤتمر الأطراف 26، دعوة الرباط للعمل من أجل السكك الحديدية الأفريقية، ممثلا بذلك صوت مجتمع السكك الحديدية الدولي لإعادة وضع النقل النظيف والأخضر في قلب استراتيجيات التنمية وجعل السكك الحديدية العمود الفقري للتنقل المستدام. بعد مؤتمر الأطراف 26، قدم المكتب الوطني للسكك الحديدية المغربي إنجازا ميدانيا، حيث أصدر أول سند للبنية التحتية الخضراء في المغرب بقيمة 95.4 مليون يورو. و يقوم المكتب الوطني للسكك الحديدية بإجراء تحوله الأخضر تدريجيًا، بعد أن حول بالفعل 25٪ من استهلاكه الإجمالي للطاقة إلى الطاقة الخضراء، ليصل إلى 50٪ في عام 2023.


واستشرافاً للمستقبل، وعلى نحو ما أكده التقرير الأخير للجنة المعنية بالحد من الكوارث عن المغرب الذي أعده البنك الدولي، فمن المفهوم أن اتباع مسار مرن ومنخفض الكربون يمكن أن يسهم في جعل المغرب مناصراً للمناخ العالمي، بالإضافة إلى المنافع المحلية.إذ من المتوقع أن تؤدي السياسات والاستثمارات المرنة ومنخفضة الكربون إلى التأثير إيجابا على شركاء المغرب التجاريين. و من ناحية إزالة الكربون، يمكن للمغرب أن يصبح مصدرًا إقليميًا للسلع المصنعة منخفضة الكربون وكذلك الطاقة النظيفة. إن المغرب في وضع جيد للاستجابة للطلب العالمي الحالي على المنتجات الحيوية منخفضة الكربون مثل الأسمدة الخالية من الوقود الأحفوري والسلع الصناعية الأخرى، مثل السيارات الكهربائية. كما يُنظر إلى ابتكارات المغرب في إدارة المياه، وحلول مخاطر الكوارث المناخية على أنها ممارسات جيدة ذات إمكانات كبيرة للتكرار على الصعيدين الإقليمي والعالمي.


ستدعو قيادة المناخ المغربية إلى مساهمات جميع الجهات الفاعلة في المجتمع - الكيانات العامة والقطاع الخاص والمجتمع المدني، بما في ذلك مراكز الفكر. إذ يمكن أن يؤدي خلق مساحة للتبادل والتنسيق إلى تعزيز الحوار الأساسي بين الجهات الفاعلة، مما يساعد على التعجيل بنشر العمل المناخي على المستويات المحلية والوطنية والدولية.

Email_footer-removebg-preview.png
LOGO_8d11d381-25b2-4aba-90a7-88eb96197078-removebg.png
Email_footer-removebg-preview.png
  • Newsletter
  • Twitter
bottom of page